الخميس، 25 ديسمبر 2014

مقدمة ابن عواطف



دوماً يصفني من كان بيني و بينه تعاملات بأنني سطحياً ثم يبتسم لا اخفيكم سراً كنت أفرح كثيراً بأنني حصلت على هذه المكانة فكثير من اصدقائي لم يصل حتى الى درجة مغفل أو حتى غبي ... أعتقد ان سطحياً هذه تعني أنني أحاول ... يبدو ان دراستي الجامعية أثمرت عن شيء .  
لم اكن أرغب في أن اتولى القيادة و الناس في حارتنا أقحموني في ذلك خاصة ان أكثر منصب حصل عليه انسان بينهم هي " بلطجي " و يوجد شخص آخر كان سينتمي الى مصلحة النقل لكنه فضل أن يمتهن سرقة الموظفين مستغلاً أنه مبدع في هذا التخصص و يشيدون بــــــــــــي دوماً خاصة في المحافل الرسمية للحارة و اجتماعهم شبه اليومي في " الغرزة "   يحتســـــــون شيئاً يشبه الخمر لكنه لا يرقى اليه و يدخنون ما يطلقون عليه " حشيشاً " و الحقيقة أنه ليس كــــذلك فهي خليط من الأعشاب به قليل من النبته المحرمة و مضافاً الى  ذلك زيوت عطرية ..
و تم اختياري لأكون المسئول رسمياً عن شئون الحارة و المفوض الأساسي في التعامل مع مندوبين الحارات الأخرى و المستلم الوحيد للمبالغ التي يدفعها الخاسر في مباريات الكرة عن شهر رمضان و العضو الدائم في مناسبات الحارة و لي الحق في دعوة من أشاء من خارج الحارة و يستثنونني من مسألة إحضار " إناث سيئات السمعة " الى غرفتي ... و هذا لم يحدث من قبل فكل من قام باصطياد أنثى تم فضحه علناً بعد قهر العروس و جعلها تكره ممارسة الرذيلة فلا يمكن أن تقوم بمثل هذه الفعلة بعد ان تعاملت مع عشرين رجلاً لا تقل حقارة الشخص منهم عن حقارة كلب . و هي الطريقة الوحيد للتوبة و العودة عن طريق الدعارة
ففكرت ملياً و صممت على وضع قانون جديد للحارة لحل مشكلات لم يستطع احدهم حلها من قبل فقررت ألا أذهب الى العمل و قدمت استقالتي و قمت بترشيح أفضل من رأيت في حارتنا لشغل منصب المشرف الأول عن مكتب المدير و مقدم القهوة الرئيسي في المصلحة ... و كنت قد حصلت على هذا المنصب مؤخراً بزيادة خمسة عشر جنيهاً الى راتبي و أصبحت الوحيد في الحارة الذي يبحثون عنه ليحصل على راتب فمن يحصل مثلي على خمس من المئات الجديدة ... لكني  فضلت البقاء في البيت لوضع القانون على أن أحصل على نصف راتبي ممن قمت بتعيينه بدلاً عني ..
دوماً كنت أقرأ عن مقدمة بن خلدون و فكرت في وضع مقدمة خاصـــة بالعصر الحديث و تم تفصيلها خصيصا لحارتنا و قمت بتسميتها " مقدمة ابن عواطف "  و وضعت فيها بنود للحارة الفاضلة كما يلي :
-         تعديل ما يأخذه " البلطجي " ممـــــن تم " تثبيته " 10 %  من المبلغ المتوفر معه عند " التثبيت " و لا يتم التعدي على الأنثى المرافقة إلا إذا كانت لعوب . على ألا يتم التثبيت قبل الساعة الواحدة بعد منتصف الليل .
-         و ممنوع دخول الحكومة الى الحارة فهم لهم دولتهم و لنا نحن الفقــــر و الضياع .. ثم اين هي الحكومة من مشاكلنا و فقرنا ؟ إنها حتى لا تقدم الخدمات الرئيسية
-         تم تخصيص يوم للراحة من كل اعمال النصب و الدعارة و الفجور و منعت فيه تدخين المخدرات و القمامة لعل ذلك يوضع في ميزان حسناتي .
-         عندما تصطحب لعوباً من خارج الحارة لابد من الكشف عليها في غرفتي الخاصة أما اذا كانت من داخل الحارة فلا مانع من ذلك فليس فيها امرأة واحدة تشبه حتى " عائشة الكيلاني "
-         حددت طريقة التقاتـــــــــل بين الشباب بألا يتم قتل المخطئ و انما ضربه مبرحاً و توضع علامة خاصة على جبهته و يقوم بوضعه فوق حماراً هزيلاً و تركه يومين بدون مخدرات و هكذا نحقن دمائنا .
-         و قمت على وضع قوانين أخرى لتحسين أداء فريق الكرة و مبادئ الدفاع عن النفس و طرق اخفاء المخدرات و تجنب الحكومة دون التقاتل مع الشرطة .
-         لابد من التفكير في تحسين دخل الحارة بأعمال مشروعة فلنتخصص في احياء الحفلات و تأمين الراقصات و " البلطجية " ... الخ
-         ممنوع التصويت على ترشيح أي انسان للرئاسة و من يتم ضبطه لديه بطاقة انتخابيـــــــة سيتم وضعه فوق الحمار   و منعه من شراء الخبز و " تثبيته " ليلا و صباحاً .
عندما عرضت المقدمة على حارتنا في احتفال كبير قمنا بذبح بقرة تم سرقتها خصيصاً لهــــــــــــذا الحدث حملوني فوق الأعناق و قام أحدهم بإبداء رغبته لترشيحي و استبدال " مرســـــــــــي " لكني فضلت البقاء لشرح المقدمة و طبعها و توزيعها و ترسيخ معانيها
و بعد مرور عامين على المقدمة تفاجأت باتصال هاتفي من جامعة عين شمس لمناقشة المقدمة و ترسيخ معانيها و خروجها من اطار النطاق الداخلي و استقطاب دول أخرى للمشاركة في المقدمة و طرحها اقتصادياً بعد أن ثبت فشلها اجتماعياً .
و عند القائي كلمتي المشهورة و كان حضوراً غفيراً ذكرت بأننا لسنا أفاقين اننا فقط خرجنا بفقرنا و لفتنا النظر ... و ان اهم شيء درسته المقدمه هو أطفالنا رجال المستقبل و كيف أن ترسيخ المقدمة في عقولهم أثمر عن نتائج غير مسبوقة فانك تجد الطفل المنتمي الى المقدمة يختلف كثيراً عن غيره من حيث الوزن و السطحية .    
25/12/2014 م


   

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

نعم

كنت قد عقدت العزم أن اصفك
و جهزت كل الأدوات التي أعرفها
و عندما شرعت في حبك
لم أجد حتى حروف الجر
ما هذا الرمش
هل عشتي يوماً على أراضينا
ام كوكبكم قريب منا
و شفتيك يفوح من بينهما العطر
هل هذا هو الخمر الذي سيحظى به
الأمير عندما يقبلك
و هل مازالت الدرجة " صاحب السمو "
لمن يحظى بقربك
يا لهفي
كيف سأجمع أحاسيسي و أرحل
بعد أن قررنا البقاء
كيف يكون القرار    لا

بعد أن تذوقنــــــا     نعم
23 / 12 / 2014

قلب حب

السبت، 13 ديسمبر 2014

بعد مئة يوم

ينتهي النهار و يقبل الليل ثم يدبر ... يبدأ الصبح من جديد ... في السابق كنت أنتظره ، و كنت في كل زيارة له اقبله ، تسكن أحلامي بقربه .. أحب ... أنتظر لقاء المحبوبة ، لا أظن أن العشاق يملون ... كم كانت أياماً حلوة ... تلك الأيام التي أحببنا فيها الدنيــــا ... من لا يحمل في ذاكرته قصص كان فيها العاشق ... تعيس ... و تعيس من لم يحب و في كل مراحل أعمارنا طعم ... ما أحلى سن العشرين و الجامعة .. و طموح لا يعرف وطن و حب لا يكفيه قلب ... ما أجمل ان تحتضن اليد حبيبتها ... و الورد ... إن الورد مخلوق من أجل العشق ... لحظاتنا كانت تبروزها ورود كلماتنا كانت تخطها ورود ... 
و اليوم اختبئ خلف سدود ... خلف جسدي ... انه يخفي الكثير من الأسرار أحملها وحدي .. و يظل الطفل الذي يسكنني يبعثر في أوراقي ، يخبر من يريد بأجزاء منها .. لم يعلم احداً من قبل طريقة تشغيلي ... أنا كتاب مفتوح مبهم جداً ... أشفق على من حاول فهمي ... فأنا كثيراً لا أفهمني لكني أعلم عن حدود عالمي .. و لا أخفيكم السر فقد أصابني الفزع مؤخراً ... لم أعد اكتب .. فشعرت بالغربة ... و تملكني الحزن بسبب وعكات صحية من تأثير زيادة الوزن .
يقول عني أحدهم أنني شرير و ان ما يحمل صفات هذا الوجه و خاصة طبقة اللحم المتدلي أسفل الذقن هو من أصعب الناس شراً و هناك علامات اخرى كارتفاع الحاجب الأيمن لست أدري ما هذا ؟ انه أحد الأصدقاء و في الحقيقة أنا أقوم على شئونه فانا مسئول عن الموظفين في شركتي و هو يدعي أنه يقرأ في الوجوه و صاحب فراسة و هو مهندس زراعي و يعمل في المساحة في نفس الوقت ككثير من الناس ليس يدرون أن يخبئ مصيرهم العملي و نوعيته مثلي أنا فالمفترض أن أعمل في مجال التدريس و ها أنا اذا أعمل سكرتيراً و مسئول عن شئون الموظفين و مصمم برامج رسومي .... العجيب أنني أحمل داخلي طفلاً لا يتعدى عمره عشر سنوات و كثيراً جداً أضحك على تصرفاتي التي تذهلني و تؤكد انني لم ابرح عامي العشرين رغم اني ضاعفت هذا الرقم هذا العام لكني مازلت أحمل نفس صفات المرحلة .. لم اكبر لكن بطاقتي الشخصية تخبرني غير ذلك ... لم أفهم ايضاً تلك العبارات التي يطلقها من هم في نفس سني ... و قوانين .. و دساتير ... هل يجب أن احمل في حقيبتي كل هذا العبيء و هل هي ثقيلة ظل هذه الدنيا حتى نكشر عن أنيابنا ... أنا لم أفعل .. أنا اشبه أبنائي كثيراً ... غير أن ابنتي البكر تفهم اكثر ، و محمد ولدي يذهب بي الى البحر و اعود كذلك ظمآناً ... هو يداعبني بهذه الطريقة ... و أنا أسعد ان احداً منا يحمل فكراً عجبت لأمري فالمفترض أن أكون قائد هذا الجيش .. فقمت بإعطائهم اجازة و ظللنا نلعب جميعاً ... لعلهم سيفلحون فأنا اعلم كثيراً أن أسلوب الأب القاسي غير مستحب .. والأب ثقيل الظل غير مرغوب .. فتركت نفسي أحبهم كما أرغب و ادللهم كما أرغب .. و أملي في ان يكون هذا اسلوباً جديداً في التربية قد يجني ثماراً ... 
و أظل أفكر كثيراً في صديقي الذي يصر أنني لست طيباً و أنني أحمل نفس صفات ( عادل أدهم – و المليجي ) فأضحك و اقوم بإضحاك الطفل الذي يتحكم في تصرفاتي و يقودني فهو يستحق ان أداعبه قليلاً ، و ألا أزعجه بما يجب فعله عندما أصل الى الأربعين بعد المائة يوم القادمة .