الاثنين، 13 مارس 2017

اتفاقية جاكرتا


أشعر أنني سأنجب فكرة .... أشعر بأنها ستنزلق الآن ... تتكون ... تكتمل و ستبلل قطرات الحبر أوراقي ... عندما سيأتون لاستخراجها لن تبكي ... ستبتسم ... أفكاري ليست كأفكاركم ... فهي حتى و لو كانت قوية فيها من روحي ... مضحكة .. فانا شخص أعشق الضحك ... لم نأخذ شيئاً من الحزن غير الحزن ... و لكي أصدقكم القول ... فقد استنفذت جميع حزني حتى العام 2010 .. و لم يعد هناك مجال لذلك ... و من أكرمه ربه هو ما رزقه بكل حزنه في عام ... عندما يحبك ربك يستوقفك و يخبرك أن هذا الطريق يؤدي الى الهلاك و يجعلك تختار طريقاً آخر قبل أن يضيع عمرك و هذا ما حدث لي حرفياً ... سبحان الله الذي قدر كل شيء و هو اللطيف بعباده ...

عندما سافرت الى جاكرتا رأيت العجب فالبيان الاحصائي كما يحدث في مصر يوجد من هم فوق طبقة الأغنياء و المقابل توجد الأعشاش و أقوام تتعامل بالمقايضة و لا يملكون قوت يومهم ... لا يوجد هناك طبقة متوسطة ... معظم الشعب يتعاملون بالدراجة البخارية و السيارات هي حكر على طبقة معينة ... و لك أن تتخيل انني كنت أقطن فندقاً له من النجوم ستة .... و بعد عشرة أمتار فقط تجد خنادق الصرف الصحي مكشوفة و تجري في الطريق ... العجيب أنه لا يمكنك منع الروائح الزكية من الانتشار ... لكـــــــن الحق أقول إن الشعب الإندونيسي شعب لطيف و مرحب و جميعهم يبتسمون لا تجد من يتعدى عليك أو من يحاول خداعك ... و لا تحاول ان تسير في طريق غير مخصص لك السير فيه و عندما تريد الوصول الى " المول " ستجد طريقاً لذلك .. كما تفعل السيارات فلها خط سير ... كذلك أنت ... كنت في رحلة مع صديقين و العجيب أنهما لم يذهبا من قبل في رحلات كهذه و لا يعلمون في الحياة غير مواعيد الصلاة و مواعيـــــد الطعام ... التنزه و التسكع في الأسواق و مواقع دور العرض لا تدخل في القاموس لديهما ... و برغم أنني دارس للعلوم الشرعية منذ الصغر لم أكن أعلم أن الصلوات بهذه الكثرة أعلم أن الفرائض خمسة .. كانوا يصلون حتى يتعبون أما أنا فكنت أصلي الصلوات المفروضة فقط و عندما طلبت من قائد الرحلة و استحلفته بكل المقدسات أننا لا بد ان نذهب الى إحدى الجزر في إندونيسيا .. وافق على مضض ... و ذهبنا في رحلة لن أنساها ... أخذنا قارباً بخارياً الى جزيرة تدعى " بداداري " و هي جزيرة بكر في وسط البحر و الطبيعة خلابة ... أقسم لكم أنني مازلت أشتم رائحة البحر حتى الآن ... و لأنني أعشق الرومانسية جلست في آخر نقطة بالجزيرة و كان ممراً خشبياً و نظفت جميع السموم التي ملأتني بها المدينة و تطهرت من كل الآلام التي لا يتحملها غيري و لن أنسى الاتفاقية التي قطعتها مع هذه الجزيرة ... فالعمر قصير و سنحظى جميعاً بنفس الحفرة ... و نرتدي نفس الزي الأبيض الذي لا جيوب فيه ... ما الداعي إذاً لحمل المزيد من الهموم ... كم منا يستطيع أن يستوقف نفسه و يحن عليها و يقول لها لقد تعبتي كثيراً مع هذا الجسد و لا بد أن أكافئك ... فنحن نحمل على أنفسنا كثيراً و نحملها أخطائنا و غبائنا و أحلامنا و حبنا من طرف واحد و تعذيبها بعذاب الحب ... و نجعلها تحصد نتيجة ثقتنا الزائدة في أشخاص لا يستحقون حتى لقــــب بشر .... و طموحنا الغير عادي الذي قد يؤدي الى نهايتها ... أو حبسها خلف قضبان ... لقد تصالحت مع نفسي و أخبرتها أنني سأعوضها ... ليس بما حرم الله ... لكن لن أقسو عليها مرة أخرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق