عندما بدأت في البكاء لم أتوقف ... كان هناك أناس كثيرون ... جميعهم يضحكون
.... لم ارى اتساع أفواههم هكذا مذ تعلمـت الضحك.. و تسائلت كيف يمكنهم فعل ذلك ؟
هل هي ضحكات الهزيمة الهستيرية ؟ أم ردود أفعال غير متوقعة ؟ ... تعلمت منذ فترة
كيف لا أبكي ... لكني لم أتعلم أن اضحك بعد هزيمتي بهذا الشكل ... أهذا هو أحد
الأسباب التي من اجلها لا أتحملهم و لا ألقي لهم بالاً و لا حتى التحية ... وأكون دوماً بينهم غريباً رغم اننا ننتمي الى
نفس البلد و يجري في عروقنــــا نفس النيل ....
ثم تحركت من قريتي التي تقترب كثيراً من الاسكندرية الى أبعد نقاط
جنوب سيناء حيث هذه الدولة المجاورة التي يقطنهــــــــا بعض المصريين " شرم
الشيخ " و رأيت ألواناً لم تكن تخطر لي على بال .. كنت اتغزل في كل مدينة أمر
بها فأنا لم أكتشف شيئاً في مصر و اعتبرت نفسي العملاق الأخضر عندما كنت أذهب الى شارع شريف و أنني أذهب كثيراً الى السينما... في شرم الشيخ رأيت بدواً .. لم اكن اتوقع أنهم يحملون الجنسية المصرية .. فهم كأبناء
الأردن و الخليج و حظهم المتعثر أن معظمهم فقراء ... لم أكتشف هذه القارة من قبل
فأنا قاهري ولدت في منطقة شعبية و اغتربت معظم حياتي ثم التحقت بجامعة عين شمس ثم
اغتربت المعظم الباقي من حياتي ... يبدو اننا نخسر كثيراً نحن معشر المغتربين ...
هل فاتتنا أحداثاً كثيرة ... صراعات ... و يسقط الرئيس ... لم نشارك معكم في تحطيم
من علمتمونا أنهم رموز .. هل حرمتنا الغربة من ممارسة الحياة ؟ نحن أيضاً كنا نجمع
المبالغ التي نقوم بإنفاقها عندما نعـــــــود ... و نستنشق بعض الهواء و نعود
بسرعة حيث نخسر حياتنا عندما ينفذ الوقود ... هل هذا صحياً .. تغيير الهواء .. و حرق
بعض الدماء ... لقد ضيعت ثلاثين ربيعاً من عمري يفصلني عن مصر البحر و أحمل جواز
السفر
ثلاثون ربيعاً حددت الشخصية ( طفل كبير )
ثلاثون ربيعاً حددت الشخصية ( طفل كبير )
صقلت الخبرة
( محترف المكوث أمام التلفاز )
حررت الجسد ( قريب الشبه بالناقة )
أما اقتصادياً
( فلا امتلك حتى شجرة في الوطن )
أما على الصعيد
الفكري ( فقد تطور الحال كثيراً و أصبحت
سطحياً أكثر و نابغة في اصطياد الأحلام
خاصة احلام الظهيرة )
خاصة احلام الظهيرة )
و على الصعيد العاطفي فقد خسرت عشرة اعوام من حياتي في بداية عمري في حب
امراة لم تكن تتوقع مروري بقربها في الطريق و قامت بخداعي الى ان اقتربت مني موسوعة
" الأرقام القياسية " و طلبت تسجيل الحدث بسبب خبرتي الغير محدودة في التعامل مع النساء بعد
ان حصلت على وسام " الوزة الذهبية في لأرقام القياسية للرجل الذي هزمته صبية
" و تعلمون ان هذا أرفع الأوسمة
و بعد ان خسرت كل ما ذكرت أعتز بأنني أحترم مواعيدي جداً يخبروننا أن
النظام الانجليزي صارم لكن نظامي أكثر صرامة فانا احترم مواعيد الطعام
احتراماً منقطع النظير .
و الحق أقول أنني لم أضيع عمري هباءً منثوراً فقد تعلمـــــــت كثيراً
الكسل .. و محدودية الأفق .. و حـــــب الطعام .. و الغياب عن جميع المحافل الرفيعة ، و مكانتي الأدبية الرفيعة في صعود فأنا الان
على سبيل المثال أنتظر خروج المحاسب الأفريقي صاحب البشرة البنفسجية لأقوده الى
المؤسسة التي نعمل بها .. و ها قد جاء .........
18 - 8 - 2014 م