عندما كان يكبر في حارتنا الرجل و يصبح كالذي
يعوي دون أن يهابه أحد لأنه خسر كل اسنانه في معاركه الضارية الماضية و لا يلتفت
اليه غير فتياننا للمزاح و تلقي الضربات غير الموجعة ... عندما يحكم لا يسري حكمه
... يأمر فلا يطاع ... يتحدث فلا يسمع منه ...
نطلق عليه ( الرجل البركة )
كنت أحب مشاهدة هؤلاء و خاصة الجبابرة منهم فهم
يصبحون مضحكين جداً
مرت أعوام على حارتنا لم نحرك فيها ساكناً .. كنا
فقط نبيض ... أناس تشبه أناس .. أجيـــال كنا نعدهم أطفال و اليوم صاروا يلقون التحية
كالرجال و اصواتهم أجاركم الله تشبه أصوات البقر
مرت اعوام كنا لا نهتم إلا بأمور تافهة و نحافظ
على مواثيق أشد تفاهة
و في ذات يوم دخل حارتنـــــــا زائر و سألني عن بيت أحدهم فأجبته ... و عند
انصرافــــــــه قال ( مشكور يا راجل يا بركة ) بعد أن افقت من الصدمة ظللت أسبوعاً في فراشي و
ساءت حالتي كثيراً هلي يعني أني انتقلت حقاً الى هذه المرحلة .. أخذت بالنداء على
أبنائي بصوت جهوري فلا يجيب ندائي أحد و قمت بصفع زوجتي حتى تشعر بالدفيء فأخبرتني
ان هذا ليس وقتاً للمزاح .. وقفت في منتصف الحارة و بأعلى صوتي قلت ( يا حارة
مفكيش راجل ) لكن أحداً لم يكترث حتى الصبية ..
عدت أدراجي و شعرت بكل ما كان يشعر به ( الرجل
البركة ) و ظللت أردد نفس الأغنية ( عايزنا نرجع زي زمان ) 11- 1 - 2014